آخبار عاجل

رواية مايا  بقلم د: محمد مصطفي الخياط

17 - 07 - 2021 10:46 869

الفصل التاسع


("نهرب من واقعنا لعالم من الخيال والأكاذيب نصنعه بأيدينا ونلونه بما يحلو لنا من ألوان كي نستطيع الاستمرار")


بيروت، شتاء 2016 


تطورت علاقتنا منذ أمسية الدكتور ستيوارت، صرنا أكثر تقاربًا، نتبادل القبلات على الوجنتين متى التقينا. لمايا، لم يكن هذا أمرًا غريبًا، فقد اعتادت ذلك مع زملائها وأصدقائها، الغريب كان عندى أنا؛ مع  عملى في مؤسسة دولية يضم مناخها جنسيات وثقافات متعددة، ترى فيما يخالف بعض سلوكيات بيئتنا الشرقية أمورًا عادية، لكننى وقفت على الحياد، لا أشارك ولا أنتقد. 

 


حتى حين توطدت علاقتي بها، ظلت طقوسي الجديدة حِكرًا عليها، لم أُقبل غيرها، ولا أظنني قبلت امرأة بعدها، محراب أخلع على أعتابه الماضي والحاضر، فإذا ما غادرته عدت إلى ما كنت عليه، حالة أقرب إلى الانفصام.

 


إيه، يا لتأثير المنعطفات الصغيرة في حياتنا، ربما لقاء صدفة أو مكالمة تليفونية عابرة أو خبر تقرأه في جريدة، وربما حديث يتبادله شخصان بالقرب منك، أو غير ذلك، مما قد نظنه غير ذا بال، فإذا بهذا الحدث البسيط يغير مسارنا بالكلية ويأخذ بنا إلى مساحات بعيدة لم تخطر لنا على بال. 
تغيير جعل مايا تداعبنى من حين لآخر وضحكتها عالقة بشفتيها كعادتها،
-    بدك تراجع محاضرة ستيوارت ؟

 


فأعقب عابثًا بشعرها الناعم،
-    تغيرنا، ما بدنا نتغير ثانى !!

 


ربما لو لم نحضر تلك الأمسية ما كنا دخلنا ذلك المنعطف الذى بدل حياتنا بالكلية. ذهبت قاصدًا تطوير وتغيير منهاج عملى ونمط تفكيري، فإذا بالحدث يعصف بحياتي العاطفية أيما عصف، صعدت ذُرىً لم أبلغها من قبل، حتى إذا استويت عليها وظننت أني قد بلغت المنتهي أُلقي بي فهويت غير مأسوف علي. يا لسيزيف المسكين.


صارت تعاتبني إن تأخرت عليها أو غبت عنها، تبادرنى حين تلقاني بأسئلتها العفوية بلهجة لبنانية ممزوجة بلكنة فرنسية أنيقة، "كِيفك ؟"، أو "وينك ؟"، أو "نطرتك تتلفن". في العادة لا ترضى عن اجاباتى التقليدية المقتضبة، فتعقب مؤنبة "اتعودت أدور عليك، ما تدور عنى ؟!"، ثم تمضى في حديثها عن شأن من شئونها وأنا منصت صامت معظم الوقت، أعقب من حين لآخر بكلمات قليلة.

 


أفكارى سُحب صيف لا تُمطر، شحيح كلامها، وأقصى ما تفعله انتظار الريح كى تدفعها أمام الشمس؛ فيخترقها شعاع الضوء. أفكار مايا غيوم شتاء؛ مُثقلة بالكلام، تُرعِد وتُبرِق، رذاذ من بعده مطر من بعده سيل من بعده فيض. لا ينقطع حديثها ما بدأت، يتوالى زخات زخات، فيسقى أرض لقاءاتنا الشراقى منسابًا في أوديتها عذبًا رقراقًا نستقل على سطحه مراكب النشوة، نجدف حينا ونستلقى على ظهورها، فَتُحممنا الشمس، حينا آخر. 
-    تِدرى، بداخلك بركان وغليان، ما بعرف كِيف يخرج للسطح ؟،

 


قالت ذات ليلة ونحن جلوس في مطعم "ليلى" بشارع الحمرا نتناول عشاءنا، إضاءات خفيفة في الأركان وفى الخلفية نغم عود شرقى حزين، عقبت قائلاً،
-    لهاي الدرجة بشغل بالك ؟

 


-    ما بدك انشغل عليك !! 
تساءلت بعتاب وقد تحول حاجبيها إلى قوسين كبيرين؛
-    أبدًا
-    ...


-    يا ترى بتعرفى أنك سبب هاى البراكين ؟


-    أنا ؟، كِيف، خَبرنى ؟


-    نعم، عشت عمرى مشغول بسؤال واحد (وبعدين ؟)، معك ما بعرف للسؤال إجابة، يا تري عندك إجابة  ؟
سحبت سيجارة من علبتها، واشعلتها، ثم اتكأت بمرفقها على الطاولة، كعادتها كلما شغلها أمر، نفثت الدخان ببطء، ثم قالت
-    خلي بعدين لبعدين، خلينا نتمتع بدلوقتى، ما تخلى (بعدين) تفسد علينا الآن
-    ....

 


كيف أترك بعدين لبعدين يا سيدتى ؟؛ عندما أراجع ما دار بيننا اتحسر على بعضه وأتعجب من بعضه الآخر دون جدوى، أقف على جسر المشاعر مشتتًا بين القبول والرفض، بين التماس الأعذار والإقرار بالذنب؛ خوفًا أن ينتهي بي الأمر وأترك بيروت، كما تركت القرية والاسكندرية والقاهرة من قبل، فزعًا أن تصبح شوارع بيروت، والبحر والكورنيش، والأصدقاء والمعارف، ومناغشات الحاج سعيد وسيدانى، وقهوة شفيق الصباحية وأمسياتك وحكاياتك سرابًا يلحق بسوابقه يستحيل جمرات تكوي جلدي في ليالي الوحدة والعذاب ومراجعة دفاتر الخيبات الصفراء المتربة.

 


حين تعارفنا ربيع عام 2015 كان موقف مايا الاجتماعي معلقا؛ زوجة هجرها زوجها أو هجرته هى، تساوت النتائج، لم يمثل لها هذا الأمر سوى أن العلاقة بينهما فَتُرت وصارت أقرب لجثة باردة لم تفلح معها محاولات التنفس الاصطناعى ولا الصدمات الكهربائية التى بذلها المقربون والأصدقاء لإنقاذها، ولا حتى وضعها في الثلاجة لحين التخلص منها فيما بعد. قررت نسيان الأمر والعيش كسيدة شبه مطلقة تتكفل برعاية ابنتها ذات السنوات الست؛ تعلمها وتربيها بعيدًا عن أبيها بعد ما نسيهم ونسياه وصار ذكره في أحاديثهما أمرًا عَارِضا لا يقترن بمشاعر وذكريات.

 


مع أول عرض للعمل بالخارج حزم إيلي، زوجها، امتعته متأبطًا جواز سفره. قَبَلها وقبَل ابنته وغادر بيروت إلى أبو ظبى. من باب اللياقة، لا أكثر، عرض عليها مرافقته، فاعتذرت تحت غطاء الحفاظ على وظيفتها بالأمم المتحدة والراتب الضخم الذى يضمن لها مستوى معيشة مرتفع ومدارس دولية للبنت، قَبِلَ عذرها دون مراجعة، وكأنها تمثيلية اتفقا معا على أدائها، لم يناقش أى منهما الآخر في جملة قالها، تصريح مسبق بالقبول، أو كما يقول البعض (كارت أبيض)، بلا شروط ولا قيود، بمعنى آخر قَبِلا الغطاء الذى يمكن أن يُبقيهما مرتبطين على الورق، فيحفظ لكل منهما مكانته الاجتماعية، وللبنت قيمتها.

 


حكت لى وهى تجفف فنجانين غسلتهما في المطبخ عندي ريثما تنضج القهوة، آلام وحدتها منذ أكثر من عامين، بعد ما غادرها زوجها. يتصل بها من حين لآخر، وأحياناً ينسى كل منهما الآخر في زحمة الحياة إلى أن تتساءل ابنتهما "وين بابا ؟"؛ اعتادت احتراف الإجابات، أحياناً باقتراح الخروج إلى الملاهى، أو شراء الآيس كريم، وأحيانا التمشية على الكورنيش، أو شراء مستلزمات المدرسة، أو اقتراح أى موضوع آخر، أكاذيب تلد أكاذيب دون نهاية يتوقف عندها الجميع ويكاشف كل منهما الآخر. نهرب من واقعنا لعالم من الخيال والأكاذيب نصنعه بأيدينا ونلونه بما يحلو لنا من ألوان كي نستطيع الاستمرار، وعندما نضطر للعودة للحقيقة نُقسم عقلنا بين الجانبين؛ نصف يعيش الآلام ونصف يهنأ بالخيال، ربما زاد ذلك من قدرتنا على التحمل، لكننا كثيرًا ما نكتشف مع الوقت إصابتنا بانفصام الشخصية.

 


لا تكاد تذكر إيلي في حديثها؛ كأنه بعض متاع سقط منها سهوًا في طريق مرت منه لمرة واحدة وانتهي الأمر. يتبادلان اتصالات متباعدة واسئلة روتينية ميكانيكية، يسأل عنها وعن ابنتهما وإجابات مقتضبة، باردة من دون تفاعل، فتبتر المكالمة قبل أن تبدأ الدقيقة الثانية، أما إذا اتصل وهى في سفر فعادة لا تخبره إلا إذا طلب مكالمة ابنتهما؛ هنا تخبره أنها في رحلة عمل خارجية، وقد تذكر البلد أو لا تذكر، حالة من اللا مبالاة يعيشانها بلا اكتراث. 

 


أما الطامة الكبرى والضربة القاصمة لعلاقتهما، ونقطة التحول في علاقتنا أيضًا معًا، فقد وقعت أثناء سلسلة جولات سفر خارجية، اقتضتها طبيعة عملها، لأكثر من بلد، عَرَجت فيها على أبو ظبى قُبيل عودتها إلى بيروت، لليلة أو ليلتين آثرت أن تنزلهما في فندق شيراتون بمنطقة الكورنيش وتعمدت ألا تتصل بزوجها أو تخبره بوجودها.

 


في إحدى هاتين الليلتين، وبعد ما انتهت من عملها، خلدت للراحة في غرفتها مؤثرة النوم بعد حمام دافئ عن الخروج والتسوق، جلست في سريرها بروب الحمام تستمتع بالاسترخاء مع مشروب ساخن منعش تتابع شاشة التلفاز وتتنقل من محطة لأخرى في كسل، رن جرس الهاتف وظهر اسم الخادمة الآسيوية على الشاشة، فعرفت أنها تتصل لأمر يخص ابنتها، تناولت الهاتف فإذا ابنتها على الطرف الآخر تطلب منها لعبة X-Box، كادت تعتذر إلا أن البنت لم تترك لها مسلكًا تفر منه، حتى بعد ما أخبرتها أنها حزمت حقائبها استعدادًا للسفر.

 


أغلقت الهاتف وراحت تفكر؛ هل تشترى اللعبة أم تعتذر لابنتها عندما تعود، وإذا أرادت أن تشتريها؛ هل تنزل الآن إلى أحد المراكز التجارية الكبرى أم تؤجل الشراء لحين وصولها المطار، ولأنها لم تعتد رد طلب لابنتها ولارتفاع الأسعار بالمطارات، رفعت السماعة واتصلت بموظف الاستقبال في الفندق للمساعدة، فأعطاها عدة اختيارات شملت مركز تسوق المارينا؛ حيث يمكن أن تختار بغيتها من بين العديد من المحلات.

 


ارتدت ملابسها واستقلت تاكسى وراحت تتنقل بين المعروضات وتقارن بين المنتجات حتى وجدت ضالتها فاشترتها ثم قصدت أحد المقاه؛ لتناول فنجان قهوة مع بعض الحلويات، وبينما هى مشغولة بالرد على بعض الرسائل على هاتفها رفعت رأسها فوجدته قبالتها؛ لم يكن وحده؛ كان إيلى متأبطًا ذراع امرأة آسيوية الملامح، كانا مندمجين في حديث ثنائى بمودة وانسجام مشترك. 


تَسمر كل منهما في مكانه؛ وقفا وجهًا لوجه، هى تحمل هداياها وتتأبط حقيبة يدها، وهو مشدوه لا يصدق أن زوجته أمامه ولا يدرى ماذا يفعل، أفلت ذراع المرأة الآسيوية بتلقائية، فوقفت حيرى تحاول فهم ما يحدث أمامها خاصة بعد ما رأته متجهًا نحو مايا المتجمدة في مكانها، لم تعرف مايا كيف تماسكت وظلت واقفة كتمثال لبرهه ظنتها زمنا طويلا حتى استجمعت قواها ومضت في طريقها غير مستجيبة لنداءاته وتوسلاته ولا صوت الآسيوية المستفسر عما يجرى، لم تدر إلا وهى تلقى بنفسها في أقرب تاكسى ثم وهى تفتح باب غرفتها في عصبية وتنفجر باكية وحولها حقائبها وهداياها ولعبة ابنتها.

 


أذهب المشهد عقلها، أشعل فيها كوامن الأنثى الغيور، وأثار بداخلها عاصفة من الأسئلة وعلامات الاستفهام؛ (مَن هذه السيدة التى ترافق إيلي ؟، وما هذا الانسجام الذى يجمعهما ؟)، في حين تساءل إيلى (كيف تنزل أبو ظبى ولا تخبرنى ؟؛ مهما كان بيننا من خلاف وبرود، لا يمنع هذا أن تتصل بى وتخبرنى بقدومها، كيف تقيم في فندق ولا تقيم معى ؟، ألهذه الدرجة صرنا غرباء ؟). تُرى مَنْ يلوم مَنْ ؟؛ لم يعد أحد يدرى، الكل مخطئ، وإن رأت مايا أن لا خطيئة أكبر من خطيئة زوجها. 

 


كانت في حالة نفسية بالغة السوء، اتصلت بى من مطار أبو ظبى وأخبرتني رغبتها تناول العشاء معى، ثم أردفت،
-    فى بيتك

 


ضحكت وقلت لها وأنا لا أعني ما أقول، وانما ذكرته من باب المجاملة لا أكثر،
-    يا ميت هلا .. تنوري
ثم لعمق ما بيننا من مودة أردفت:
-    فيك قادرة بعد هاي الرحلة ولا نخليها ليوم تاني بعد ما ترتاحي من السفر
فأجابت ساخرة وبلهجة مسرحية وبلغة عربية فصحي

 

،
-    بل آن أوان الراحة يا عزيزى !! 

 


جاء صوتها عبر الهاتف مشوبًا بضحكة سخرية عالقة في شفتيها؛ تعاتب نفسها، تهذى بكلمات غير مفهومة، تخاطب نفسها مرة بسؤال ومرة بتهكم؛ كيف لم تنتبه إلى طبيعة زوجها ؟؛ إلى عدم وفائه لها، أكان لابد أن يخونها أمام عينيها حتى تفيق من غفلتها وسباتها وتفهم ؟، أى غباء هذا، ثم تنتقل إلى الضفة الأخرى متهكمة كيف أغلقت بوابات مدينتها على نفسها، كيف حرمت نفسها ما حطم زوجها من أجله أسواره، نسيها يوم غادر بيروت عند عتبات صالة المطار، مزق ماضيهما وألقاه في سلة المهملات. 

 


عندما استقبلتها في المطار، بدت شديدة الوجوم وهي مقبلة على تدفع حقائبها أمامها، وبعد إلحاح حكت لى ما جرى، حاولت تهدئتها دون جدوى. 

 


وضعت احتمالات بريئة عدة لرؤية إيلي بصحبة امرأة، بل أوضحت لها أن ثورتها وغضبها على زوجها يعكس حبها له، وأن عقلها الباطن يرفض ذلك الانفصال السلبى؛ زوجان ليس لأى منهما حق لدى الآخر، لكنها أصمت أذنيها عن كلماتي.

 


لم تكن قضيتها أنها قابلته في مكان عام يقصده مئات الأشخاص يروحون ويجيئون ويجلسون ويتسامرون دون غضاضة، إنما ما أوحت به التصرفات العفوية من جانب إيلي ورفيقته الآسيوية لها؛ استشفت ما لا يدركه ولا يستنتجه سوى أنثى مثلها، تعرف معانى الدلال وإشاراته وأبعاده، وإن بدا محتشمًا. 

 


كأنثى، أدركت أن ما بين زوجها ومرافقته لا يندرج تحت مسمى زمالة أو صداقة، بل هى رِفقة؛ لمرافقته حقوق لا تقل عن حقوقها هى كزوجة، مع كامل التنفيذ وليس مع وقف التنفيذ كحالتها، رأت بغريزتها الأنثوية المعانى الخفية واضحة كالشمس وسرح خيالها إلى ما لا يصل إليه سوى ذهن امرأة كسر زوجها كبرياءها في العلن.

 


غريزة خليط بين بشرية الأنثي وفراسة أنثي ذئب برى تربت حواسها وتدربت في صحراء قاحلة يمتد رملها في الفضاء تتحدى بحثها عن فريسة ضالة تسد جوعها وتضمن لها البقاء ولو إلى حين. حين يعز الصيد، ويحبس الحر الفرائس في جحورها فلا تغادرها إلا لضرورة. تقودها غريزة البقاء إلى فرائسها؛ تتشمم الريح، تُرهف السمع وتحلل معنى الأصوات، تدير أذنيها في الاتجاهات كافة، تلمع عيناها وتتسعان، تحدد موضع الطريدة، تنتفخ أكياس أقدامها فلا يصدر عنها صوت، فترى فريستها بخيالها قبل أن تراها جاثمة بلا حراك بين مخالبها، هكذا نضجت وتربت غريزة مايا كأنثى.

 


لا تحتاج برهان مادى لتدرك مستوى العلاقة بين زوجها وأى امرأة أخرى، فقط بعض ما يُخبر وينبئ عن المستور الذى لا يراه أحد، يكفيها حركة عفوية، أو رائحة عطر، أو صوت ينفلت عن غير قصد، وقتها تتلبس رداء الذئبة؛ تنقض على فريستها وإن اختبأت وسط دغل شجري، فيشق الصمت صرخة مفارقة الحياة واستشراف عالم الأبدية مع محاولات بائسة يائسة للإفلات من قبضة أسنان تعرف أن في نجاة الفريسة هلاك الصياد.

 


بهذه الغرائز قرأت مايا في ملامح زوجها تفاصيل خيانته لها، وقرأت في وجه رفيقته، خيانات لم تشاهدها ولم يحك لها أحد عنها شيء، لكنها رأتها وعاشتها بغريزتها الأنثوية، عذبتها تفاصيل تخيلتها، علقتها على مشانق الحرمان والفشل الاجتماعى؛ فما لم تنجح هى فيه نجحت فيه أخرى؛ تُرى أى أدوات وأسلحة استخدمتها تلك الآسيوية مع إيلي ؟، وهل عَدِمَت هى خفايا الأنوثة، وهي من هي بحضورها وعنفوانها.

 


قطع المشهد آخر خيط عنكبوت يربطهما ببعض، نُسف البيت الهش فطارت أشلاؤه في الفضاء، بعثرته الريح في الاتجاهات كافة؛ ريح القطيعة، ريح نكران الجميل، ريح لا تبقى ودًا ولا تذر رحمًا موصولاً.

 


عادت من سفرها تسخر من طهرها، بعد ما رأت على زوجها أمارات الخيانة والدنس، هزأت من نفسها.
منذ تلك الليلة، طوحت مايا بقضبان أسوارها في صحراء الوحدة، ألقت قفل الحرمان في نهر اللذة، فما بان له من يومها أثر حتى وقع ما وقع، ونفد سهم القدر، دهست أرضي واقتحمت وسمائي.

 


أرضى القاحلة التى ما إن نبتت على أطرافها بعض حشائش خضراء، حتى أحرقتها شمس الوحدة وبددها الانشغال بمتاعب الحياة فكنستها ريح الإهمال ذات ليلة اشتد صهدها، لتعود كما بدأت؛ صحراء جرداء يُصفر فيها الفراغ، صفراء من غير سوء، رمل من فوق رمل؛ متى كُنست لا تجد سوى الرمل والصبار. فإذا بها تُحيلها بلمسة واحدة إلى جنات عدن، وإن صفرت فيها عذابات الندم بدلاً من بلابل الصباح.
إلى لقاء في فصل جديد
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved